وُجِدَ الجدل حول عقوبة الإعدام منذ زمن بعيد، بين مؤيد ومعارض، ومازال قائما. وكلاهما يقدّم الحجج العقلية والقانونية لتأييد وجهة نظره، ولا يزال هذا الجدل مستمرا حول المبادئ التي يعتنقها كل فريق. وقد برز العديد من النظريات التي يتمسك بها كل من الطرفين للدفاع عن وجهة نظره، وبعضُ منها لاقت نجاحا ملحوظا في بداية أمرها، ثم اعترتها عوامل الفشل والسقوط نظرا لتناقضها من جهة، ولظهور عدم صحتها من جهة أخرى، وهكذا تبلورت هذه الدراسة. ولكن السؤال المطروح دوما هو "ما هي الإجراءات التي يسلكها المجتمع لمعالجة هذه الظاهرة بالقضاء عليها أو بالتقليل منها"؟. ومن ضمن التساؤلات التي أثيرت حول هذه القضية. "هل الإبقاء على عقوبة الإعدام يؤدي إلى نقص الإجرام"؟. وهل إلغاء هذه العقوبة الرئيسية يؤدي إلى تفاقم الإجرام وزيادة الفوضى في المجتمعات ولعل السؤال الأخير الذي يتبادر إلى الذهن كيف وما هي الطريقة التي تحقق بها العقوبة وظيفتها في منع وقوع جرائم جديدة في المجتمع ؟ أن هذه التساؤلات وأمثالها كافية لبيان أهمية هذا الموضوع ؟. ونتيجة انتشار المذاهب العقابية التي نادت في مجملها بإلغاء هذه العقوبة هناك دول عديدة لم تلغِ عقوبة الإعدام صراحة، إلا أنها امتنعت عن تطبيقها ضمناً. وسنستعرض في دراستنا هذه التطور التشريعي لعقوبة الإعدام في الشرائع القديمة، والتشريعات الحديثة. متحدثين عن هذه العقوبة طبقا للشريعة الإسلامية، ونورد حجج القائلين بالإبقاء عليها والمنادين بإلغائها. كما سندرس هذه العقوبة دراسة مقارنة في عدة تشريعات عقابية عربية وأجنبية موضحين في نفس الوقت موقف القانون الدولي تجاه هذه العقوبة. ونضم صوتنا إلى جانب من سبقنا في الإبقاء على عقوبة الإعدام مع حصرها في الجرائم الأشد خطورة. على أن تحاط عملية تنفيذ هذه العقوبة القاسية بالضمانات القانونية والقضائية، والتحول بشكل تدريجي لالغاء هذه العقوبة استجابة للمطالبة العالمية بذلك. ونرى من الخطوات التي تعجل نحو إلغاء عقوبة الإعدام هو ضرورة إلغاء المحاكم الخاصة والاستثنائية والعودة إلى المحاكم القانونية العادية أو ما تسمى " القاضي الطبيعي. كما يجب إحاطة فرض هذه العقوبة بكثير من الضمانات المنصوص عليها في الشرعة الدولية، مع ضرورة تشكيل لجنة وطنية أردنية تختص في مسائل القانون الدولي لحقوق الإنسان في الأردن. وأن تتركز جهود تلك اللجنة بشكل خاص في مجال القوانين الجنائية والسياسات العقابية الواردة في قوانين المملكة.